قراءة في كتاب (نعم ولا – الفكر المنفتح عند ابن عربي)

كم نقرأ في الكتب والمقالات عن الشخصيات التاريخية من حيث السيرة والافكار والمنجزات عموما، وهذا مفيد من وجه، ولكن ما اجده يستحق التوقف عنده ان تجد كاتبا لا يكتفي عند حدود النقل والشرح وابداء الرأي فقط، بل يتكبد عنا تسليط الضوء على راهنية ذلك المنجز، وإمكانية الافادة في الحاضر.
وبين يدي كتاب ( نعم ولا – الفكر المنفتح عند ابن عربي) وجدت فيه الكاتب محمد المصباحي قد تكبد ذلك العناء. ومما جاء في هذا الصدد:
* أول ما يعلمنا ابن عربي هو ضرورة التخلي عن فكرة الماهية الواحدة المنغلقة على ذاتها، الثابتة في مقوماتها… الى ان يقول: ان مثل هذا الفكر يمنحنا حرية أكبر في قبول الاختلاف الديني والحضاري.
وهذا صحيح كما نرى، لأن الاصل عندنا التشارك لا التفردن.
* يذهب الفكر الاكبري الى نفي وجود المطلقات التي تندّ عن التقلب والتغير، حتى الجوهر نفسه، فلا يوجد محرك أول في مكان دون مكان، بل يوجد في كل مكان، وكل محرك يمكن ان يصير متحركا، وهكذا دورا. وفي هذا يرى المصباحي ان هذا اساس ينطلق منه اي حوار بين الثقافت، لان يضمن للاخيرة قابليتها على التداول.
وكما معروف لمن يتابع التضامر: فإن هذا المنطق يتسق مع نقدنا للتعميمات، وقولنا في النسبانويات، الناتجة من القصور الذاتي في كل شيء، الامر الذي يجعلها متضامر، وكمالها مقترن في تكاملها او تشاركها.
* مما يذكره المصابحي قوله: اننا نتعلم من ابن عربي ان الحقيقة لا توجد في مكان دون غيره أو مبدأ دون غيره، بل توجد في كل الامكنة وكل الخطابات. وهذا يعني انها توجد بين الخطابات المختلفة وبين الاقوال المتعارضة… هذا يؤول الى ضرورة اعتراف من الجميع انهم يقفون على تخوم الحقيقة لا احتكارها. وهذا يتسق تماما مع المنظورالتضامري الداعي لمثل هذه التصورات والابعاد.
وغير ذلك من الافكار المهمة في هذا الكتاب القيم، الذي لا يقل مضمونه عن عنوانه (نعم ولا) في جمعيته للمثيل ولا مثيله.
ولا يضير ذلك ان تكون لنا وجهات نظر أخرى في بعض ما فيه، بل بالعكس، إن التكامل في هذا الاختلاف مما يُنّظر له هذا الكتاب وتوجهه.
اتمنى للمهتم قراءة ممتعة ومفيدة.

لتحميل الكتاب اضغط هنا 


* من منشورات الفيسبوك بتاريخ ٢٣ سبتمبر ٢٠١٥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *