جائزة نوبل للفيزياء 2015

الابداع والامتاع والتألق كل التألق فيما تسفر عنه جائزة نوبل من اكتشافات وبخاصة في مجال الفيزياء.
لهذا العام (2015) تشارك هذه الجائزة في الفيزياء كل من الياباني تاكاكي كاجيتا والكندي أرثر مكدونالد. وذلك عن اثبات ان للنيوترينوات كتله. فما قصة هذا الاكتشاف؟ وما أهميته العلمية؟ تفاصيل القصة بايجاز في النقاط أدناه:


* النيوترينو: جسيم ما دون ذري (اصغر حتى من الإلكترون)، بلا شحنة (متعادل)، ليس له كتلة (يسير بسرعة الضوء). يوجد ثلاثة أنواع منه.
* تم التنبؤ بوجده عام 1930، حيث وجد فرق ضائع في الطاقة عندما يتحلل نيوترون الى الكترون وبروتون،.يعني المفروض:
النيترون = بروتون + الكترون
لكن القياسات اثبتت ان المعادلة غير متوزنة، وان هناك طاقة ضائعة، ولان هذا خلاف قانون حفظ الطاقة، فقد افترض العلماء وجود جسيمات دون ذرية متعادلة ليس لها كتله اطلقوا عليها هذه التسمية فصارت المعادلة:
النيترون = بروتون + الكترون + نيوترينو
في عام 1959 كشفت التجارب عن وجود جسيم له تلك الخصائص اسموه (نيوترينو الكترون e).
في عام 1962 اكتشف النوع الثاني من هذه الجسيم (نيوترينو ميون m).
في عام 1975 اكتشف النوع الثالث (نيوترينو تاو t).
* برزت المشكلة في الفترة من ستينيات القرن الماضي وحتى عام 2002 عندما أكدت سلسلة من التجارب ان عدد النيوترينوات وبالتحديد (نيوترينو e) هو ثلث العدد المتوقع. يعني ان اكثر من ثلثين يختفي ولا يعلم أحد عنه أي شيء. وهذا يتعارض مرة أخرى مع قانون حفظ الطاقة.
* كان الافتراض الوحيد الممكن لحل هذه المعضلة، هو ان هذه الجسيمات تغير من نوعها، وبالتالي لا يضبطها العد.
* لكن افتراض انها تغير نوعها يعني ان لها كتلة، وان لها كتلة يعني أنها تسير بسرعة اقل من سرعة الضوء، وفكرة انها تسير أقل من سرعة الضوء يستلزم وجود ما يُخفظ سرعتها نظير بوزون هيغز الذي يفعل ذلك مع الجسيمات الاكبر، ولا يتفاعل معها.
باختصار هذا يعني عملية تحديث شاملة لما يسمى نظرية النموذج القياسية او المعيارية للكون، بأن يضاف اليها اشياء جديدة كليا. ومثل هذه الاضافة من شأنها ان تفتح الباب أمام نظريات فرعية وتصورات أخرى غير مفكر فيها مسبقا أو انها كانت مما يستبعد التفكير فيه. كل هذا متوقف حتى يتم التثبت من ان تلك الجسمات بالفعل تغير من نوعها.
* أخيرا، جاء كل من تاكاكي وأرثر وفريقهما بالنتائج التجريبية الاكيدة التي تثبت ان لهذه الجسيمات كتلة، وهذا يترتب عليه كما قلنا:
(1) هذه الجسيمات لا تسير بسرعة الضوء بل أقل.
(2) إمكانية هذه الجسيمات على تحويل نوعها بين الاطوار الثلاثة او النكهات الثلاثة لها كما توصف فيزيائيا.
(3) تتوقع وجود النوع الرابع الذي يعمل معها عمل بوزون هيغز مع الجسميات الاكبر.
* الاضافة اللطيفة جدا -بالنسبة لي- هي في التساؤل عن كيفية قيام هذه الجسيمات بهذا التحول؟
والاجابة: إنها لكي تفعل ذلك يجب ان تكون ذات خاصية فريدة تتأرجح فيها بين حالة الجسيم والجسيم المضاد، أي من نوع (جسيم ماجورانا) الجامع للخاصيتين المتضادتين معا، والا فلا يمكنها التحول، او انها ان تحولت فإنها تخرق مبدأ حفظ الشحنة.
* وبالاجمال: فهذا الاكتشاف، يضع العلم والعلماء على اعتاب باب جديد له أول ولا نعرف كعادتنا ما هو آخره.

بمناسبة نوبل والنيوترينو..


* من منشورات الفيسبوك بتاريخ ٩ أكتوبر ٢٠١٥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *