في غيابِ المرجعيّة المُطلقة، كيف نعرفُ الخطأ من الصّواب والحلال من الحرام؟

طرحَ أحد الأصدقاء([1])  عددًا من التّساؤلاتِ حول مفهوم النسبانويّة وهي:

  1. أنسبانويّةٌ هي الحقيقةُ أم مُطلقة؟ 
  2. إنْ كانت نسبانويّة، كيف يُمكن صياغة القوانين والأحكام في غيابِ مرجعيّةٍ مُطلقة؟
  3. وَفْقًا للتّضامر، كيفَ ينبغي لنا التّعامل مع أحكام الشّرع إن كانت (افعل-لا تفعل)؟ 

هذه القضايا تتعلّق بصلبِ البعد المعرفي (الأبستمولوجيا) والبُعد الأخلاقي للتّضامر. وأودُّ الحديث عنها، وإبداء موقف فلسفة التّضامر منها، بالاستعانةِ بالنّقاط المبيّنة في أدناه:

  1. اسمحْ لي يا صديقي أن أبدأ بالحديثِ عن مُقدّمةٍ ضروريّة، وهي عن التّواضُع (بضمّ الضّاد)، إنّه أحد المفاتيح لفهم هذه الفلسفة يكمُن في تقبّل التّعامل مع التّواضع تعاملًا جديًّا لا مجرّد معرفة نظرية. 

أخمّنُ أنّ الإنسان -بوجهٍ عام- يعتقدُ أنّه مُؤهلٌ ليتحدّث عن الحقيقةِ المطلقةِ النّقيّة (باستعارة اللّفظ من تساؤلك وقدْ استخدمه لاحقًا بكثرة فقد أعجبني)، وكلّ التّفاصيل الّتي بين أيدينا من النّماذج المعرفيّة الثّلاثة (الدّين والفلسفة والعلم) تُثبتُ –وباستمرار- أنّ الإنسان يُعاني من قصورٍ ذاتيٍّ وجوديٍّ ومعرفي (أنطولوجي وأبستمولوجي).. لماذا؟ لأنّه -وكما أشرنا إلى مقولة بلانك- جزءٌ من اللّغز وليس مُتعاليًا عليهِ ليُحلّله ويفكّ شفرته كليًّا. تخيّل الآتي: يبني الإنسانُ بُرجًا مثلًا أو جسرًا وَفْقًا لمبادئ الهندسة الّتي عرفها واختبرها؛ ولكنّه -ومع تيّقنه ممّا يعرف- ليس مُحيطًا بالتّفاصيل والجزئيّات كافّة، وخير مثال على ذلك، جسر ‹‹تكوما ناروس›› هو: جسرٌ مُعلّق بُنيَ في ‹‹واشنطن›› فوق ‹‹نهر تكوما›› حيثُ انهار لأنّ المهندسينَ لم يضعوا في الحسبان ما يُسمّى بـ (الرّنين الميكانيكي). وهبّ أنّ الإنسان احتاط لهذه التّفاصيل كافّة، فهل هو قادرٌ على الإحاطة بما يحصل في أي وقت؟ لا يستطيع ذلك إلّا من كان متعاليًا على المشكلة أو الطّبيعة وليس جُزءًا منها؛ لأنّه سيبقى يتفاعل معها وتنفعل من طريقه. من جانبٍ آخر، لا يزال الإنسان يجهلُ من خبايا ذاته أكثر ممّا يعرف، لا يزال يتعلّم من الحيواناتِ أشياءَ عن طبيعتهِ دُون أن يتمكّن من الاقتراب من رؤيةِ الضّوء في آخر النّفق. 
من هُنا أقولُ إنّ الإنسان يُعاني من قصورٍ ذاتيٍّ مُتأصّل. الإنسانُ قاصرٌ ذاتيًّا لأنّه ليس بإله.. الإله القادر على الاحاطة بذاتهِ إحاطة مُطلقة، والقادر على أن يُحيط بما يصنع أو يخلق في كلّ لحظةٍ إحاطة كليّة.. الإلهُ الّذي لا يُعاني من القصور الذّاتي.. يمكن القول إنَّهُ يملك أحقيّة امتلاك الحقيقة المطلقة النّقيّة. أمّا من هو قاصر عن تلك الإحاطة بتفاصيلها وجزيئاتها كافّة في الوقتِ نفسه؛ فهذا ينبغي لهُ أن يتواضعَ ليعرف منزلته كما هي لا كما يشتهي أو يتمنّى أو يُريد أو يظنّ أو يتوهّم… إلخ.

المقصود بالتّواضع هنا: هو الاقتناع بأنّنا -وإنْ حزنَّا- نماذج معرفيّة كُبرى فإنّها لا تزال نسبويّة لأنّ حاملها نسبانوي، فعلينا الاقتناع بأنّ الحقيقة النّقيّة ليست من حقّنا إنّما ننطقُ عنها بحسب نماذجنا وإمكاناتها.

  1. لأنّ العقليات مختلفة؛ فإنّ كلّ عقليّةٍ في مجالها وفي منظورها تُنتج أشياءَ مُتميّزة وفريدة. قد يُبدعُ المُتَفَنِّنُ بما لا يستطيع الفيزيائي إلّا الوقوف إزاءهُ مَدهوشًا، وقد يأتي الفيزيائيُّ بما يُذهل القائدَ العسكري، وقد يُقدِّمُ القائدُ خُططًا وتدابيرَ تُبهر المهندسَ، وقد يفعلُ المُهندسُ ما يَعجز أمهر العلماء عن الإتيان بمثله ، والمعلم قد… وهكذا.. القوّة والإبداع والابتكار والإبهار والتميّز مُوزّع على النّاس جميعًا بنسبٍ مُتفاوتة.
  2. التّكامل، الاقتناع بالتّكامل، الإيمان بالتّكامل، هذا أمرٌ لا يُتَحصّل عليهِ إلّا بالتّواضع. أن تكون متواضعًا، يعني: أنّك تتقبّل أن تتكامل مع غيرك، وإنْ كنت أنت تُكمّل ذلك الغير بما لديك. إنّ تواضع النّاس؛ أصبح طريق التّكامل معبدًا رحبًا أمامهم.
  3. الخلاصة: المتواضع يعلمُ أنّه قاصرٌ ذاتيًّا، فيعلم أنّه نسبانويٌّ، فيسعى إلى التّكامل مع غيره، وفي الوقت نفسهِ يسعى لتكميل غيره.
  4. التّواضُع (بضمّ الضّاد) يخلقُ لنا نسخةً تكامليّةً عن نفسهِ تنبثقُ من مفهوم (تواضَع) وها هنا (بفتح الضّاد). تواضَع القوم؛ أي: اتّفقوا على أمرٍ ما، يُقال مثلًا: تواضَع أهلُ اللُّغةِ على استعمال رموزٍ مُعيَّنةٍ لأداء أصواتٍ مُعيّنة. 

ما أسمّيه (التواضعات) هي: حقيقةٌ مقبولةٌ اجتماعيًّا أو مجموعاتيًّا، نسبويّتها أعمّ من النسبويّة الذّاتية، وسرّ (التواضَع) هو: في قبول الجميع بما يتّفقون عليه فيُصبح مُلزمًا لهم بالقدر الّذي يُلزمون به أنفسهم. 

هذا يُعطينا تصوّرًا عن كيفيّة وضع القوانين والأحكام، إنّه بفعل (التواضعات). عندما يصنع العلماء جهازًا جديدًا مثلًا، يتواضَعون على إعطائه اسمًا ما له، فيصبح ذلك الاسم حقيقةً موضوعةً؛ ولكنّه -وفي الوقتِ نفسه- حقيقة مُطلقة عندهم. نعم، ليس حقيقةً نقيّةً لأنّه كان بالإمكان أن يختاروا اسمًا آخر ويتواضَعون عليه. إضافةً إلى ذلك بإمكانهم في أيّ وقتٍ أن يُغيّروا ذلك الاسم؛  ولكن أيّا ما كان الاسم الّذي يختارونه فهو ينال مرتبة (الإطلاق النّسبانوي) مطلق نسبة لمن تواضع وتواضَع عليه. 
الآن.. لنفترضَ أنّ شخصًا ما أتى وقال: هذا الاسم المتواضع عليه خطأ وليس صحيحًا.. هكذا أرى أنا.
هنا ندخلُ في منطقة مناقشة نسبويّة (صح/خطأ).. إذْ هل يحقّ لهذا الشّخص أن يتكبّر وأن يُخالف ما تواضَع عليه أهل الاختصاص؟

الإجابة (يحقّ لا يحق) نسبانويًّا بدلالةٍ مُحدّدة، ودونك التّفصيل:

  • إن كان من أهل الاختصاص ولديه أسبابٌ وجيهةٌ أو منهجيّةٌ تحملهُ على قول ما قال، فهذا حقّه، وهذا ما هو حاصل في جميع النّماذج المعرفيّة؛.. إذ نجد في الدّين الطّوائف المتعارضة، وفي العلم المناهج المتعدّدة، وفي الفلسفة القراءات المختلفة، وكلّ من يختلف مع الآخر يختلف لأسبابٍ وجيهةٍ محكومة بقواعدَ متّفق عليها سلفًا.

مثلًا، عندما يختلف السّني والشّيعي في الإسلام، هم يختلفون في تفاصيل ما بعد أعمّ العموم، فهم لا يختلفون هل الإله واحد أو لا، فهذه قضيّة كليّة مفروغ منها، بل يختلفون في تفاصيل تلك القضيّة، فهل ذاته عين صفاته أو غيرها، فهذا له أسباب وجيهة عنده ليقول: (الصّفات عين الذّات) وذاك له أسباب وجيهة أخرى ليقول: (الصّفات لا هي الذّات ولا هي غيرها). في العلم عندما يختلفُ العلماءُ -مثلًا- حول نظريّة الأوتار وهل هي مقبولة علميًّا أم مجرّد نظريّة رياضيّة بحتة، نزّاعة نحو الفلسفة أكثر منها إلى العلم؛ فإنّ اختلافهم لا يكون بسبب قواعد النّموذج المعرفي لهم، اختلافهم ليس حول أسسٍ في المنهج العلمي، بل في طرائق استخدام تلك الأسس، واختلاف الطّرائق يُؤدّي إلى اختلاف النّتائج المتحصّل عليها. الفلاسفةُ أيضًا، في غالبيّتهم مُتّفقين على أهمّية العقل مثلًا؛ ولكن كيف يُستخدم هذا العقل في المعرفة؟ هذا ما يتباينون في فعلهِ فتظهرُ الفلسفاتُ المتناقضة أحيانًا.

 جملة القول: إن انبثقَ الاختلاف من الخلفيّةِ المعرفيّة المتّفق عليها (المتواضع والمتواضَع)؛ فهذا حقّ مكفولٌ لأيّ كان ولا لَبس فيه ولا إشكال، والسّؤال في حدود هذه النّقطة ومثالنا المُتقدّم ذكره، من المحق منهما؟ من اقترحوا الاسم أوّلًا لأسبابٍ وجيهةٍ أم من اعترض عليهم لأسبابٍ وجيهة أيضًا؟ من يملك الحقيقة المطلقة هنا؟ هنا أقول: كلاهما مُحقّ نسبانويًّا، أولئك مُحقّونَ على وجهٍ مُطلقٍ وَفْقًا لأسبابهم، وصاحبنا محقٌّ على وجهٍ مُطلقٍ –أيضًا- وْفْقًا لأسبابهِ. ما نقوله هنا: ليس إنكار الحقيقة المطلقة؛ بل إنّنا نقول بتعدديّة تلك الحقيقة بحسب الدّلالات للقائلين بها وَفْقًا لوجاهة أسباب ما يعتقد كلّ منهم بأنّها وجيهة.

إنّ فاعليّة التواضُع (بضمّ الضّاد) هنا تظهر في تقبّلنا أنّ الحقيقة المطلقة الّتي نملكها ليست النّقية بل النّسبوية. الحقيقة المطلقة في التّضامر هي حقيقة نسبويّة؛ لأنّ حاملها نسبانوي وليس نقيًّا. بتعبيرٍ آخر، وهو مشهور عادّة: إذا عَدَدْتَ الإطلاق نصف الكأس المليء فإنّ النّسبويّة هي نصف الكأس الفارغ، وسواء أقلت إنّ الكأس نصفه فارغ أو نصفه مليء فأنت تُعبّر عن الحقيقة ذاتها، إنّك تقول الشّيء ذاته بوجهين، فلك أن تعدّ أنّ النّسبويّة هي الشّائعة أو تعدّ أن الإطلاق المتعدّد هو الشّائع، لا فرقَ إلّا في المنظور.

  • أمّا إن كان المعترض ليس من أهل الاختصاص وليس لديه أسباب وجيهة؛ فهذا هو المتكبّر الّذي لا ينبغي لنا أن نلتفت إلى مقولته، وهذا هو المخطئ نسبانويًّا، ولماذا هو مخطئ نسبانويًّا وليس مطلقًا؟ لأنّنا قلنا إنّ الإنسان بطبيعته نسبانوي؛ ومن ثَمّ تكتسبُ أخطاؤه نسبويّتها من نسبويته، من قصوره الذّاتي. 

هذا يعني أنّ نسبوية التّضامر لا تُسوّغ الأخطاء، بل تضعها في موضعها المناسب، فأنت إمّا أنْ تتواضع وتكون مع المجموع أو أن تأتي بجديدٍ مقنعٍ ووجيهٍ لتتفرّد أو تُكوّن مجموع آخر، وإلّا فإنّ ما تفعله ضرب من العبث. الحريّة ليست نقيةً، الحريّة نسبويّة، هي مُقيّدة بضوابطَ وجيهة لما يتواضَع عليه النّاس.

  • هناك حالةٌ ثالثةٌ حسّاسة، وهي حالة (اعتراض وجيه في غير محلّه)، وهذه لم تزلْ تُسبّب كوارث معرفيّة وإنسانيّة بوجهٍ مُتواصل، وذلك عندما يتمادّى الفردُ في نموذج ما ليحكمَ على آخر في نموذج آخر. على سبيل المثال: أن يحكمَ عالمٌ في النّموذج العلميِّ على قضيّةٍ ميتافيزيقيّة في النّموذج الفلسفي أو لاهوتية في النّموذج الدّيني، أو أن يفعل رجلُ الدّين ذلك مع قضيّة علميّةٍ بحتة أو فلسفيّة، وذات الشّيء ينطبق على الفرد في النّموذج الفلسفي.

أنا أتفهّم الخلط الّذي يحصل عند الجميع، مرجعه أسباب عديدة من أهمها: إنّهم يتشاركون القضايا الّتي يبحثون فيها، ولما تأتي النّتائج مختلفة لاختلاف النّموذج المعرفي، يحصلُ الجذب والشّد بشأن أحقيّة النّطق باسم الحقيقة أو امتلاكها، فهذا يقول: إنّ الدّين ليس على شيءٍ ومجرد خرافات، وذاك يقول إنّ: العلماء واهمون لأنّهم مُلحدون ولا يعرفون شيئًا أكثر ممّا يختبرون، وثالثٌ يردّ على هذا وذاك. لا أريدُ أن أدخلَ هنا في نقد التّعميمات وما تجرّه على الإنسانيّة والمعرفة من ويلاتٍ، لضيقِ المجال. 

هنا نُلاحظ: القضيّة ذاتها تُعاد: فقدان التّواضع، فقدان مفهوم النسبويّة، فقدان مفهوم تعدّد الإطلاقات في حدود النّموذج (مطلق نسبانويًّا)، فقدان احترام الأسباب الوجيهة للآخر؛ كلّ هذا يُؤدّي إلى تشقّق بساط المعرفة وتمزّقه بين الأطراف.

لعلّ ما أراهُ في هذا، أصبح واضحًا -أو هكذا أظنّ- وهو إنك إذا كنت مُقتنعًا بنموذجٍ فلك أن تحكم وتتحاكم في حدود ذلك النّموذج لا أن تحكمَ على نموذجٍ خارجٍ عن نموذجك. لك أن تحكم وتتحاكم على ما تواضَعت عليه في نموذجك لا على من لم يتواضعوا معك فيه للعلماء أن يحكموا على المساق العلمي فحسب، ولرجال الدّين أن يحكموا على ما في الدّين فحسب، وللفلاسفة كذلك.

ماذا إن كان هناك فرد قائل بالنّماذج الثّلاثة مثلًا؟ له ذلك على ألّا يخلط. يُعامل العلم بالعلم والدّين بالدّين والفلسفة بالفلسفة.

هذا من حيث المبدأ، وأمّا من حيث التّفصيل فهناك التّكامل غير المباشر بين هذه النّماذج الّذي لطالما كتبتُ عنه في التّضامريات الّتي أنشرها باستمرار؛ إذ إنّني لا أقول بالفصل التّام والعزلة الكليّة أو النّقية بين هذه النّماذج، بل أرى أنّها تتكامل ولكن بطريقةٍ غير مباشرة، قد يأخذنا الحديث عنها الآن بعيدًا هنا، وإنْ كنت قد نشرتُ مقالاتٍ بشأنها.

السّؤال الآن: أي نموذج يمتلك الحقيقة المطلقة؟

الجواب: الثلاثة يمتلكون نماذج من تلك الحقيقة، كلّ له نموذجه المطلق، كلّ له نموذجه النسبوي الخاص به، واتّباع كلّ نموذج ملزمين بالصّح والخطأ المتواضع عليه في نموذجهم ما لم يحملُ بعضُهم سببًا أو أسبابًا وجيهةً متواضع عليه، على مخالفته إلى سواه.

الايجاز: الآن دعني أُوجز لك هذا التّفصيل بإجاباتٍ مُحدّدةٍ عن أسئلتك مُستندًا في ذلك إلى ما قدّمته لك ممّا أعتقدُ بأنّه أسبابٌ وجيهة عندي فيما تقدّم ذكره:

  1. هل الحقيقة نسبوية أم مطلقة؟

هي كلاهما، المطلق مُتعدّد بتعدد النّماذج المعرفيّة، والإطلاق له فاعليّته الحقيقيّة في حدوده الخاصّة؛ ولهذا فكلّ مطلق نسبانوي بدلالةٍ مُحدّدة، ولا تعارض.

  1. إنْ كانت نسبويّة، كيف يُمكن صياغة القوانين والأحكام في غياب مرجعيّة مُطلقة؟ المرجعيّة المطلقة ليست غائبة؛ بل هي مُتعدّدة بحسب النّموذج، ويُمكن صياغة القوانين والأحكام المتعدّدة بتعدّد المرجعيّات وإطلاقاتها.
  2. وَفْقًا للتّضامر، كيف ينبغي لنا التّعامل مع أحكام الشّرع إنْ كانت (افعل-لا تفعل)؟ إنْ كانت أحكام الشّرع (افعل -لا تفعل) فهي صحيحة نسبانويًّا. صحيحة نسبة لمرجعيّتها الدّينيّة، وفاعلة في حدود تلك المرجعيّة والمتواضع عليها، وكلّ فرد مؤمن بها مُتّبع لها، مُوافق عليها، مُلزم بها؛ ولكن ذلك لا يلزم من هم خارجها وفي مرجعيّات معرفيّة أخرى.

الحلالُ والحرام مُطلق في حدود الشّرع، الصّح والخطأ مُطلق في حدود القانون، المسموح والممنوع أو العيب مُطلق في حدود العرف الاجتماعي المتواضَع عليه.

المخالفةُ لكلّ ذلك تتطلّب ثلاثة أمور:

  1. أسبابٌ وجيهةٌ، وذات بعد منهجي، وليس مجرد اعتراض لأجل العبث أو الاعتراض.
  2. قصرها على نموذجها وحصرها فيه؛ إلّا إن كان التوسّع إلى النّموذج الآخر مقبول منهجيًّا من القائلين بذلك النّموذج.
  3. عدم إلزام الآخر بها؛ لأنّ إلزامها الذّاتي هو إلزام نسبانوي، هي مُطلقة نسبانويًّا.

[1]– الأخ عبد الرّحمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *