مفهوم موت الإله عند نيتشه

مفهوم موت الإله عند نيتشه:
يعتبر نيتشه ( 1844 – 1900 ) أخطر فيلسوف في نهاية القرن التاسع عشر ، فهو الذي دشن عصر الحداثة الثانية أو ما أصطلح عليه بما بعد الحداثة أو ما يسمى بالفكر التفكيكي ، التفكيك ليس من أجل الهدم وإنما من أجل البناء في نظر فلاسفة التفكيك . نيتشه يعد الأب الروحي لكل فلاسفة ما بعد الحداثة الذين جاءوا بعده وهم على سبيل المثال ، فرويد ، جاك دريدا ، ميشيل فوكو ، جيل دولوز ، بودريار ، ليوتار وغيرهم .
فكر نيتشه قائم بالاساس على نقد حداثة عصر الانوار وسلبياتها وما جاء بعده من مفاهيم ومصطلحات اعتبرها نيتشه مفاهيم وهمية وطوباوية لا معنى لها ، وهي مثالية ولا يمكن ان تتحقق على أرض الواقع ، هذه المُثل ، مثل الديمقراطية ، وحقوق الانسان ، والعدالة ، والتقدم ، والسيطرة على الطبيعة وغيرها مما دعا لها عصر الانوار هي مُثل تشبه الافكار الوهمية الدينية والمُثل الافلاطونية ، فهو يعتقد انه بعدما ازاحت أفكار الانوار الإله من السماء في نقدها للدين المسيحي ووضعت الانسان كإله مكانه ، تبنّت المُثل والقيم التي كانت للإله وأسقطتها عليه أي على الانسان . رفض نيتشه هذه الافكار واعتبرها أفكار عدمية وتؤدي إلى الموت ، أقصد الموت بالمعنى الاخلاقي وليس بالمعنى البيولوجي ، فالعدمية بالنسبة له ليس هو عدم الإيمان بالإله والمثل العليا وإنما العكس من ذلك فكل من يؤمن بالإله والمُثل الميتافيزقية هو شخص عدمي ، إذن مفهوم موت الله بالنسبة لنيتشه ليس هو الإله الديني المسيحي وغيره من الإلهه فقط ، وإنما الإله بالنسبة له هو كل الافكار المثالية الميتافيزيقية بما فيها مُثل عصر الانوار ، من جانب آخر أعتبر الافكار التي روج لها عصر الانوار هي ليست كونية وانها يجب أن تنطبق على جميع شعوب الارض ، بإعتبار ان الشعوب تختلف في ثقافاتها وكل ثقافة لها قيمها ومثلها الخاصة وهي ليست بالضرورة تنطبق عليها أفكار التنوير من هنا يعتبر نيتشه كذلك من أوائل الفلاسفة الذين دعوا للاختلاف واعتبر الاختلاف هو أساس الوجود وليس الوحدة.


* من منشورات الفيسبوك بتاريخ ٣٠ سبتمبر ٢٠١٥

* تنويه: نقلا عن الاخ سعدي العنيزي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *